عدنان شاكر
لو أخرجنا هذه التغريدة من إطار المحاكمة العقلية البحتة لصفات الكذب ومواصفات الكذاب وأدخلناها فقط في إطار صورة الطبيعة التي شكلت منذ الأزل واحدة من أجمل لوحات التعبير عن العلاقة الوشيجة بين العصفور والشجرة التي تضم أوراقها حَوْلَهُ لتحميه من الحر والبرد والريح والمطر والصيادين ، لاكتشفنا إننا أمام أبهج وأروع وأرق وأصدق كذبة في الحياة الدنيا .
العصافير ، الأسماك ، الأشجار ، المطر ، الأنهار لا تكذب لأنها ببساطة شديدة لا تتكلم . الكذب صفة خاصة لصيقة بالبشر دون الكائنات الأخرى التي خلقها الله ٠ وإن أكذب البشر هم السياسيين ، وأكذب السياسيين هم الذين يتلفعون بالدين لأنهم ورثة أجيال كان وما زال مشعل المعرفة وضوء اليقين يمثل لديهم مغامرة تَحُفُّها المخاطر وسوء العاقبة . أجيال بعد أجيال أدمنت الظلام وأرقها وجود حياة آمنة خارج ظلمات القبور التي يسكنها لصوص الله . لهذا إستمر تاريخنا طافح بالنكبات والفواجع ، وسيستمر هكذا الى أن تتحرر الأجيال بالكامل من فتاوى حراس المذاهب والأديان باسم السماء ، وتفك أسارها من أغلال كتب التاريخ الصفراء التي كبلتها ردحاً من الزمن باعتقاد وهمي ساذج ، بأن المستقبل ينبع من الماضي وليس من الحاضر ، وأن الدولة المدنية ” صنم يعبد من دون الله ” . وهنا نقول لهؤلاء ، إذا العصافير أوراق تكذب على الشجر مجازًا ، فأنتم أوراق تكذب حتى على خالق البشر والشجر ، فالأمة التي تخسر الدولة المدنية لن تكسب شيئا ، ولكن إذا خسرت الأمة الأحزاب الدينية فستكسب الدولة وتربح الدين .