
ما يحصل في تركيا هو صراع بين فكرين اقتصاديين؛ الأول قائم على مبدأ خفض الفوائد الربوية في البنوك (الرئيس أردوغان)، والثاني يجتهد لرفع هذه الفوائد (شركاء البنك المركزي التركي)
بين هذين الفكرين خسرت الليرة الكثير من قيمتها
لماذا أردوغان يريد خفض الفائدة؟!
دول العشرين جميعهم أسعار الفائدة في بلادهم شبه صفرية، وبينهم بالفعل من بلغت الفائدة صفر بالمئة أو واحد بالألف
ما عدا تركيا لا زالت الفائدة حوالي 18% والأرجنتين أعتقد تجاوزت ال35%
لذلك خفض الفائدة سياسة نقدية عالمية للدول الاقتصادية الكبرى
خفض الفائدة يقلل اعتماد المستثمرين على الإيداع البنكي لأنه سيكون بمرابح قليلة فيتوجه المستثمر نحو تشغيل أمواله في الصناعة والزراعة والسياحة والعقارات والطاقة والتجارة والكثير من المجالات النافعة للبلد
وستعود الفائدة على الدولة التركية بشكل عام
شركاء البنك المركزي يملكون قرابة نصف الحصة من البنك بينما الدولة تمتلك النصف الآخر
زيادة الفائدة بالنسبة لهم تعني توجه أموال المستثمرين من المشاريع إلى الإيداع المصرفي
بدلاً أن يضع الشخص رأسماله في مشروع قد يربح وقد يخسر وبالمجمل لا يجني منه أكثر من 10 _ 15% سنوياً ويحتاج لسبع سنوات على الأقل لدوران رأس المال
يستطيع أن يضع رجلاً على رجل ويودع أمواله في البنك ويجني 20 أو 25% أرباحاً سنوية
وقد يدور رأس ماله خلال أربع أو خمس سنوات
الفكر الثاني ..
يعتبر الإيداع مصدراً جيداً للنقد الأجنبي المهم للحفاظ على قيمة الليرة
الفكر الأول ..
يعتبر أن أي مستثمر سيفتح حساباً بنكياً وسيجري تحويلاته ونشاطاته عن طريق البنك
ناهيك أنه سيحقق إضافة للدولة
كتأسيس شركة أو مشروع أو توسيع استثمار .. الخ
فالمبدأ هنا يشبه ما قاله أحد الخلفاء العباسيين لغيمة استبشر أنها ستمطر لكن الرياح ساقتها بعيداً فقال:
(أمطري حيثما شئت فإن خراجك لي)
فليمطر مال المستثمر أينما شاء لأنه بالنهاية يضيف قيمة إيجابية للبلد
هناك فوارق كثيرة بين خطة أردوغان وخطة المركزي:
مشاريع المستثمرين لا يمكن إغلاقها بسهولة ومغادرة البلاد في حال حدوث أي طارئ، بينما أموال الإيداع مصدر غير مضمون في الشدائد
ينخفض التضخم في الأسعار عندما تغادر أموال المستثمرين البنوك لتتوزع على المشاريع الحيوية والنافعة للبلد
توجه أموال المستثمرين نحو سوق العمل سيخفف من البطالة بسبب توفير فرص عمل كثيرة، بينما توجهها نحو الإيداع سوف يزيدها
لكن …
في ظل الصراع بين التوجهين المتناقضين تستمر الليرة التركية بالهبوط ولن تستقر حتى يرضخ مرحلياً أحدهما للآخر..
إما أن يقتنع المركزي وكبار حيتان المال بأن نسبة 10إلى 15% كافية للربح من الإيداع ولا حاجة للطمع على حساب تنمية البلد
أو يضطر الرئيس التركي لقبول رفع سعر الفائدة بعد أن تهبط الليرة بشكل كبير ليحاول ضبط سعرها
على الهامش…
ان موجة التضخم الحاصلة في تركيا حاليا هي عالمية اميركا وهي اكبر اقتصاد في العالم منذ يومين صدر التضخم برقم لم يرتفع منذ
سنة1990 واوربا نفس الموضوع موجة تضخم عالمية مع ذكر مشاكل في سلاسل التوريد العالمية الغذائية وتحذير الصين بلأمس لمواطنيها بتخزين مواد غذائية خلف موجة هلع عالمية وارتفاع سعر النفط ومشاكل بين بايدن واوبك وكثرة الطلب العالمي للنفط والغاز هذه العوامل كلها اثرت ومازالت في انهاك اسعار الصرف لكل الاسواق الناشئة
تركيا تستفيد من هبوط سعر الليرة لأن صادراتها أعلى من وارداتها وهي تصدر وتستورد بالدولار
ولكن هذا سينعكس سلباً على الطبقات الفقيرة والمتوسطة في تركيا (مواطنين ومقيمين ولاجئين)